عمرو دياب ساحر الألحان.. و”ماستر سين” الأغنية الراقية
يعد الاحتفال بعيد ميلاد “فاتح الزمن” بمثابة تكريم لمسيرته الطويلة مع الموسيقى والغناء
ينشر الطاقة الإيجابية بمظهره المتجدد… ويخلق الفرحة للجميع
الحديث عن عمرو دياب… الحديث عن نجم تجاوز الأشكال التقليدية وأصبح نجماً عبر الأجيال و”أيقونة” الفن العربي.
يتمتع بصوت فريد يجعله سفيراً للفنون الجميلة وقصة نجاح استثنائية
تغلب على كل العقبات وتحول من مطرب صاعد إلى نجم عالمي
كيف غيرت «الهضبة» قواعد اللعبة في عالم الغناء
وحافظ على مكانته الغنائية وتحدى كل التوقعات والتحولات التي شهدها عالم الفن
عندما أعطيت لقب “قاهر الزمن” للنجم الكبير عمرو دياب، كنت أقصده بمعناه الشامل وليس على سبيل الاستعارة، بل كواقع يعكس قدرته على تحدي الزمن والبقاء في القمة. وفي عالم يشهد تغيرات سريعة ومنافسة شديدة، استطاعت الهضبة أن تحافظ على بريقها وشعبيتها، وهذا ليس بالأمر السهل. السر يكمن في قدرته على التطور والتجديد دون أن يفقد هويته الفنية، وفي علاقته الخاصة مع جمهوره الذي يعتبره جزءا لا يتجزأ من نجاحه. في كل عام، ينتظر عشاق الموسيقى العربية عيد ميلاد النجم عمرو دياب، ذلك الصوت الذي طالما أثار المشاعر وأطرب الآذان بأنغامه. حلاوة وكلماته المعبرة، احتفالا بعيد ميلاده، وهي مناسبة للاحتفاء بمسيرة فنية مليئة بالإنجازات والأرقام القياسية التي جعلت منه أيقونة الفن العربي.
عمرو دياب ليس مجرد اسم في سجل الفنانين العرب، بل هو رقم صعب في المعادلة الفنية بأكملها، حيث استطاع الهضبة أن يحجز لنفسه مكانا فريدا ومتميزا في قلوب الملايين، وأصبح اسمه مرادفاً للنجاح والتميز. وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، تصدّر ساحة الغناء العربي، وحافظ على مكانته كالنجم الأبرز، متحدياً كل التوقعات والتحولات التي شهدها عالم الفن. إنه ليس مجرد نجم غنائي، بل هو أيقونة فنية وأحد الركائز الأساسية التي يقوم عليها الفن المصري. صوته المميز وأسلوبه الحديث جعله محط اهتمام الملايين، ليس فقط في مصر ولكن أيضًا في العالم العربي بأكمله، إلا أن أهمية عمرو دياب تتجاوز مجرد كونه فنانًا محبوبًا. فهو يمثل رمزا من رموز الفن المصري الأصيل، ويساهم في الحفاظ على مكانة مصر الرائدة في عالم الغناء والغناء. ومن ما يميز عمرو دياب وطنيته العميقة وحبه الشديد لمصر. ويتجلى هذا الحب في أغانيه التي تحتوي على كلمات كثيرة تعبر عن الانتماء للوطن والتعلق بالأرض. كما أنه لا يتردد في المشاركة في العديد من الأنشطة الوطنية، وهو ما يعكس مدى إخلاصه لقضايا وطنه.
ولعل من أهم مميزات عمرو دياب هو احترامه الكبير لأذواق جمهوره المتنوعة. ولا يقدم نوعاً واحداً من الموسيقى، بل يحرص على تقديم أعمال فنية متنوعة تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع. وهذه القدرة على التواصل مع فكرة فن وتلبية تطلعاته هي ما جعلته نجماً خالداً. عمرو دياب يكتفي بتقديم الأغاني الرومانسية التراثية. بل تجاوز ذلك إلى تقديم الموسيقى الحديثة التي تجسد روح العصر. واستطاع أن يمزج بين الأصالة والمعاصرة، ويقدم أعمالاً فنية مبتكرة تجذب أجيالاً مختلفة. موسيقى عمرو دياب كانت – ولا تزال – ثورة حقيقية ضد الأشكال التقليدية، حيث قدم نموذجاً جديداً للفنان العربي الذي يواكب التطورات ويتجدد باستمرار. كما كان لعمرو دياب دور رائد في الدفاع عن الفن المصري وحمايته من تلك الهجمات. وكان من أوائل الفنانين الذين أطلقوا حملات للترويج للأغنية المصرية، وأكدوا على أهميتها في الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية.
وما زال عمرو دياب يبهرني بحضوره القوي وقدرته الفائقة على خلق البهجة في قلوب محبيه ومحبي فنه الجميل. وهذا لم يأت من العدم، بل هو انعكاس طبيعي لحالة الحب التي اختار أن يعيش تفاصيلها بكل بهجتها. اللقاء مع عمرو دياب يجعلني على يقين تام أنه بعيدًا عن كونه فنانًا عظيمًا يتمتع بجمهور كبير، فهو أيضًا إنسان عظيم بكل معنى الكلمة، وأكاد أجزم أنه يمتلك مخزنًا من المشاعر الإنسانية السامية. الذي يتصرف فيه كما يشاء. ليس هذا فحسب، بل إنني على قناعة تامة بأنه يقف فوق بئر عميق من المشاعر الصادقة والحقيقية. وكلما جرف منهم جزء من هذه المشاعر نجدها تتجدد بشكل ملفت وتزداد أكثر فأكثر، وكأن تلك الصفات النبيلة التي يمتلكها عمرو دياب، الفنان والإنسان على السواء، ليس لها بداية ولا نهاية، لأن فهي مشاعر تنبع من القلب بلا كذب ولا خداع، فتدخل القلوب بلا استئذان.
والحقيقة أن عمرو دياب نجح في تحقيق المعادلة الصعبة، ولم يكن نجم مرحلة أو مراحل واحدة، بل نجم عبور الأجيال، منذ ألبومه “يا طارق” حتى الآن. منذ بداياته كان حريصاً جداً على التطوير والابتكار، فنجده عام 1991 يستخدم الساكسفون لأول مرة في ألبوم. “حبيبتي”، وفي عام 1994 اندمج مع الجيتار الإسباني في ألبوم “ويلومون”، وفي عام 1996 وصل إلى المستوى العالمي بألبوم “نور العين” الذي حطم أرقام المبيعات القياسية في الوطن العربي، والذي حصل على جائزة الموسيقى (التي تُمنح لأعلى المبيعات في المنطقة كل عام). كما انتشرت أغنية نور العين حول العالم وأثارت ضجة في العديد من دول العالم مثل الهند وفرنسا وإيران والأرجنتين وتشيلي وجنوب أفريقيا. وأصبحت أشهر أغاني الرقص في قاعات الديسكو في أوروبا. من يتابع مسيرة عمرو دياب يدرك جيدًا أن القيمة الحقيقية لعمرو دياب تتجلى في أنه يعرف جيدًا نقاط القوة والغنى في الأغنية المصرية، ولذلك فهو يمتلك القدرة على الوصول إليها بكل بساطة وسهولة، وينتقي أروعها. أشياء فيه ليحافظ على شبابه دائماً حتى يصل إلى الناس نضراً دافئاً خالياً من الشوائب، وهذا هو سر قدرة أغانيه على الصمود والصمود في وجه أمواج كثيرة ومتعددة. وليس هذا فحسب، بل نجح أيضًا ببراعة في الوصول إلى أعلى مستويات الأغنية المصرية شكلاً ومضمونًا. كان همه الأول والأخير هو تحديث الغناء المصري، سواء من حيث الموسيقى أو اختيار الكلمات الجميلة التي تعبر عن شباب مصر في التطور المستمر، ولهذا يفاجئنا دائمًا بكلماته. ليس هذا فحسب، بل هو أيضًا لديه القدرة على جعلنا نعيش معه في حالة حب دائم، خاصة أن أغانيه تمثل الحب والوداع والفراق حقًا، لدرجة أننا… يمكن أن نعتبره “” الساحر” الذي لا يتوقف عند النجاح أو يكتفي بأي تألق. لقد أصبح، وبجدارة، حالة خاصة جدًا خلقها لنفسه. منذ عدة سنوات قدم أغنيته الشهيرة “مهما كنت صغيرا” وكأنه يعبر من خلالها عن شخصيته الحقيقية ورغبته في أن يظل كبيرا في الساحة الغنائية ولكن بروح شبابية. هذه الأغنية تناسب شخصيته وملامح وجهه حقًا. عندما تراه وجهاً لوجه وتتحدث معه يبدو وكأنه لا يزال شاباً في قمة تألقه وحيويته بابتسامته النقية النقية. وأعتقد أن لياقته البدنية كانت من أهم أسباب هذا التألق، كما كان منذ أيامه الأولى. وظل حريصا جدا على التغيير المستمر للأغاني التي يقدمها لجمهوره، مع التركيز على إضافة كل ما هو جديد إلى الموسيقى والأغاني والكليبات التي يقدمها، مما كان له الأثر الكبير حيث ساهمت هذه الصفات بشكل كبير في تأهيله للحصول على الجوائز الدولية.
والحقيقة أن عمرو دياب سيظل رمزا للفن المصري الأصيل، وسيظل إرثه الفني خالدا عبر الأجيال. ولم يكتف بتقديم الأغاني الجميلة فحسب، بل قدم لنا نموذجاً للفنان الوطني المخلص الذي يضع فنه في خدمة وطنه وشعبه. عمرو دياب ليس مجرد مغني، بل هو مايسترو حقيقي. قاد فرقته بكل احترافية وإتقان، واستطاع أن يبني لنفسه فريقاً متكاملاً يساعده على تقديم عروض حية مميزة وحفلات ضخمة لا تنسى.