ماذا لو ضرب «نتنياهو» النووى الإيرانى
ومع بعض التدقيق والتحليل للخطاب الأميركي الموجه لنتنياهو قبيل الضربة التي تنوي إسرائيل توجيهها ضد إيران ردا على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران ضدها بداية تشرين الأول/أكتوبر الجاري، سنجد بعض الكلمات ذات دلالة سياسية كبيرة. أولها، على سبيل المثال، استخدام البيت الأبيض لكلمة “نصيحة” لنتنياهو بعدم الضرب. إلى المنشآت النووية الإيرانية أو المنشآت النفطية، وكلمة نصيحة تعني أن البيت الأبيض لا يرفض بل ينصح تحسبا للعواقب التي يراها. وهذا يعني أيضًا أنه إذا هاجم نتنياهو المواقع النووية والنفطية الإيرانية، فإن الولايات المتحدة لن تتخلى عنه وستكون جاهزة بالسلاح والمال والمعدات للدفاع عن إسرائيل من الهجوم الإيراني المضاد. والحقيقة الثابتة هي أن الولايات المتحدة، منذ قيام إسرائيل، تعهدت بحمايتها والدفاع عنها دولياً، بغض النظر عما إذا كان شاغل البيت الأبيض ديمقراطياً أو جمهورياً.
وهناك من يعتقد أن إسرائيل قد لا تنجح في ضرب المنشآت النووية الإيرانية دون مساعدة أميركية، لكنها لو فعلت ذلك لكانت قد دفعت الولايات المتحدة إلى حرب شاملة وموسّعة في الشرق الأوسط. ولن يتوقف الأمر عند إيران وأذرعها في المنطقة، أو حماس في غزة، كما ستظهر الأطراف الدولية حتماً. لروسيا مصلحة في المنطقة، وسوف تظهر روسيا على الساحة. ولها حلفاء سيدخلون المعركة، وستكون المنطقة حتماً في حالة إعادة ترتيب وتشكيل. وعلى أية حال، لن تسمح روسيا ولا الصين للولايات المتحدة بأن تكون الوحيدة التي تعمل على ترتيب المنطقة لصالحها ولصالح إسرائيل.
ووصف خطاب البيت الأبيض هذه الضربة المرتقبة بأنها “رد انتقامي” يأتي في سياق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وهيبتها في المنطقة. كما استخدم البيت الأبيض كلمتين لا تحملان معنى الرفض، وهما “متوازن” و”متناسب”، كما طلب بايدن من نتنياهو أن الرد سيكون “متوازنا” و”متناسبا” مع الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل مما يعني أنه يدرك أن هناك حاجة إلى رد مضاد، لكنه لا يفضل ضرب المواقع النووية والنفطية الإيرانية، لأن ذلك ستكون له عواقب كبيرة، وهذا يعني أن الديمقراطيين لا يريدون أحداثا كبيرة في العالم. ثلاثة أسابيع. والانتخابات المقبلة لن تؤثر على الانتخابات، وقد يفضلون تأجيلها إلى ما بعد الإعلان عن الرئيس الأميركي المقبل.
ويبقى السؤال هل سيستمع نتنياهو للنصيحة أم سيخدع بايدن ويرمي بطاقته ويراهن على دونالد ترامب والأخير يغازله بين حين وآخر ويؤيد ضرب المواقع النووية الإيرانية. الجواب برأيي هو أن نتنياهو قد يفعل ذلك. وقد استعدت إسرائيل بالفعل لهذا السيناريو، كما يتضح من التدريبات التي أجرتها عشرات الطائرات المقاتلة الإسرائيلية فوق البحر الأبيض المتوسط. قبل عامين، ولمحاكاة ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية، تحدث الجيش الإسرائيلي عن هذه التدريبات علناً باعتبارها تدريبات على الطيران لمسافات طويلة، والتزود بالوقود في الجو، وضرب أهداف بعيدة. كما هدفت هذه التدريبات إلى إيصال رسالة للرئيس الأمريكي جو بايدن، مفادها أن القوات الجوية الإسرائيلية كانت تتدرب على تنفيذ العملية بنفسها، رغم أن فرص نجاحها ستكون أعلى بكثير إذا شاركت الولايات المتحدة. انضمت إلى الهجوم بقنابلها التي تزن 30 ألف رطل ضد المخابئ المحصنة تحت الأرض.
وقد يفعلها نتنياهو، خاصة أن هناك قبولاً داخل إسرائيل لهذه الضربة في حال حدوثها. ومؤخراً، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، القومي المتطرف نفتالي بينيت، على وسائل التواصل الاجتماعي “أمام إسرائيل الآن أعظم فرصة لها منذ 50 عاماً لتغيير وجه الشرق الأوسط. وعندما تولى بينيت رئاسة وزراء إسرائيل عام 2022، صدم من عدم رغبة إسرائيل في مهاجمة البرنامج الإيراني، فطلب تدريبات جديدة لمحاكاة الرحلات الجوية لمسافات طويلة إلى إيران، وضخ موارد جديدة في الاستعدادات.
خلاصة القول هي أن نتنياهو قد يفعل ذلك، وفي ذلك الوقت تكون الحرب الشاملة قد بدأت بالفعل.